فصل: ذكر مجيء الملك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم برسالات ربه تعالى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الأعراف، في الكلام على قوله تعالى: {قُلْ يا أيها الناس إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] وفي غير ذلك المواضع. وقوله تعالى: {إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ} استشهد به بعض علماء العربية على جواز تقدم الحال على صاحبها المجرور بالحرف كما أشار له ابن مالك في الخلاصة بقوله:
وسبق حال ما بحرف جر قد ** أبوا ولا أمنعه فقد ورد

قالوا: لأن المعنى: وما أرسلناك إلا للناس كافة: أي جميعًا أي أرسلناك للناس، في حال كونهم مجتمعين في رسالتك، وممَّن أجاز أبو علي الفارسي وابن كيسان، وابن برهان، ولذلك شواهد في شعر العرب، كقلو طليحة بن خويلد الأسدي:
فإن تك أذواد أصبن ونسوة ** فلن يذهبوا فرغا بقتل حبال

وكقول كثير:
لئن كان برد الماء هيمان صاديًا ** إلى حبيبًا إنها لحبيب

وقول الآخر:
تسليت طرا عنكم بعد بينكم ** بذكركم حتى كأنكم عندي

وقول الآخر:
غافلًا تعرض المنية للمرء ** فيدعي ولات حين إباء

وقوله:
مشغوفة بك قد شغفت وإنما ** حم الفراق فما إليك سبيل

وقوله:
إذا المرء أعيته المروءة ناشئا ** فمطلبها كهلًا عليه شديد

فقوله في البيت الأول فرغًا: أي هدرًا حال، وصاحبه المجرور بالباء الذي هو بقتل، وحبال اسم رجل. وقوله في البيت الثاني: هيمان صاديًا، حالان من ياء المتكلم المجرورة بإلى في قوله: إليَّ حبيبًا. وقوله في البيت الثالث: طرًا، حال من الضمير المجرور بعن في قوله: عنكم، وهكذا وتقدّم الحال على صاحبها المجرور بالحرف منعه أغلب النحويين.
وقال الزمخشري في الكشاف في تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} إلا رسالة عامة لهم محيطة بهم، لأنها إذا شملتهم، فإنها قد كفتهم أن يخرج منها أحد منهم.
وقال الزجاج: المعنى: أرسلناك جامعًا للناس في الإنذار والإبلاغ فجعله حالًا من الكاف، وحقّ الثاء على هذا أن تكون للمبالغة كتاء الرواية، والعلامة، ومن جعله حالًا من المجرور متقدمًا عليه فقد أخطأن لأنّ تقدُّم حال المجرور عليه في الإحالة بمنزلة تقدُّم المجرور على الجار، وكم ترى ممن يرتكب هذا الخطأ ثم لا يقنع به حتى يضم إليه أن يجعل اللام بمعنى إلى لأنه لا يستوي له الخطأ الأول إلا بالخطأ الثاني، فلابد له من ارتكاب الخطأين. اه منه.
وقال الشيخ الصبان في حاشيته على الأشموني: جعل الزمخشري. كافّة صفة لمصدر محذوف أي رسالة كافة للناس، ولكن اعترض بأن كافّة مختصة بمن يعقل وبالنصب على الحال كطرا، وقاطبة. انتهى محل الغرض منه، وما ذكره الصبان في كافة هو المشهور المتداول في كلام العرب، وأوضح ذلك أبو حيان في البحر، والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: {ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ}.
قد بيّنا الآيات الموضحة له في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرض يُضِلُّوكَ} [الأنعام: 116] الآية. وغير ذلك من المواضع.
{قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30)}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة يونس في الكلام على قوله تعالى: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء الله لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [يونس: 49]. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)}.
أَرسلناكَ مُؤيَّدًا بالمعجزات، مُشرَّفًا بجميع الصفات، سيدًا في الأرضين والسموات، ظاهرًا لأهل الإيمان، مستورًا عن بصائر أهل الكفران- وإِن كنتَ ظاهرًا لهم من حيث العيان، قال تعالى: {وَتَرَاهُمْ يَنُظُرونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} [الأعراف: 198].
{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29)}.
لكثرة ما يقولون هذا كرّره اللَّهُ في كتابه خبرًا عنهم، والجواب إن لكم ميعاد يومٍ، وفي هذا الميعاد لا تستأخرون ساعةً ولا تستقدمون. اهـ.

.فصل في أمارات نبوته صلّى الله عليه وسلّم التي رآها قبل البعثة:

قال المقريزي:
وأما أمارات النبوة التي رآها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل بعثته بالرسالة:
قال الواقدي:
عن علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن منصور بن عبد الرحمن عن أمه صفية بنت شيبة عن برة بنت أبي بخزان أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان حين أراد الله عز وجل كرامته وابتداءه بالنّبوّة إذا خرج لحاجته أبعد حتى لا يرى بيتا، ويفضي إلى الشعاب وبطون الأودية، فلا يمر بحجر ولا شجرة إلا قال: السلام عليك يا رسول الله، فكان يلتفت عن يمينه وشماله وخلفه فلا يرى أحدا.
وفي رواية لغير الواقدي: فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يرد عليهم: وعليك السلام، وكان علمه جبريل التحية.
وخرج أبو نعيم من حديث الحرث بن أبي أسامة، حدثنا، داود ابن المحبر، حدثنا حماد بن أبي عمران الجوني عن يزيد بن بابنوس عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نذر أن يعتكف شهرا هو وخديجة بحراء، فوافق ذلك من شهر رمضان، فخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم فسمع: السلام عليك، فظنها فجأة الجن، فجاء مسرعا حتى دخل على خديجة فسجته ثوبا وقالت: ما شأنك يا ابن عبد الله؟ فقلت: قيل: السلام عليك فظننتها فجأة الجن، فقالت: أبشر يا ابن عبد الله فالسلام خير، وذكر الحديث.
وخرج من حديث يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا برز سمع من ينادي: يا محمد، فإذا سمع الصوت انطلق هاربا فأتى خديجة رضي الله عنها فذكر ذلك لها فقال: يا خديجة، قد خشيت أن يكون خالط عقلي شيء! إني إذا برزت أسمع شيئا يناديني فلا أرى شيئا فأنطلق هاربا، فقالت: ما كان الله ليفعل ذلك بك، إنك ما علمت تصدق الحديث وتؤدي الأمانة وتصل الرحم، وما كان الله ليفعل ذلك بك، فأسرّت ذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه وكان صديقا له في الجاهلية، فأخذ أبو بكر بيده فقال: انطلق بنا إلى ورقة، فقال له ورقة: ترى شيئا؟ قال: لا، ولكني إذا برزت سمعت النداء ولا أرى شيئا! فأنطلق هاربا فإذا هو عندي يناديني، قال: فلا تفعل ذلك، إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك، فلما برز سمع: يا محمد، قال: لبيك، قال: قل: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله، ثم قال: قل: {الحمد للَّه رب العالمين} من فاتحة الكتاب- ثم أتى ورقة فذكر ذلك له فقال له: أبشر ثم أبشر ثم أبشر، أشهد أنك الرسول الّذي بشّر به عيسى إذ قال: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي من بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} 61: 6، فأنا أشهد أنك أحمد، وأنا أشهد أنك محمد، وأنا أشهد أنك رسول الله وأنك ستؤمر بالجهاد بعد يومك هذا، ولئن أدركني ذلك لأجاهدن معك، فلما توفى ورقة قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير لأنه آمن بي وصدّقني».
قال أبو نعيم: ورواه شريك عن إسحاق عن عمرو بن شرحبيل. وروى الواقدي عن ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصن عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأجياد إذ رأى ملكا واضع إحدى رجليه على الأخرى في أفق السماء يصيح: يا محمد، أنا جبريل، فذعر ورجع سريعا إلى خديجة رضي الله عنها فقال: إني لأخشى أن أكون كاهنا! قالت: كلا يا ابن العم، لا تقل ذلك، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث، وتؤدي الأمانة، وإن خلقك لكريم. وخرج الإمام أحمد من حديث حماد قال: حدثنا عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قال: أقام النبي صلّى الله عليه وسلّم بمكة خمسة عشر سنة، سبعا يرى الضوء والنور ويسمع الصوت، وثماني سنين يوحى إليه.
وخرج مسلم من حديث إبراهيم بن طهمان قال: حدثني سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم عليّ قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن». ورواه سليمان بن معاذ عن سماك عن جابر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن بمكة لحجرا كان يسلم عليّ ليالي بعثت، إني لأعرفه إذا مررت عليه» وخرج البيهقي من حديث السّدي عن عبّاد بن عبد الله عن علي رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمكة، فخرج في بعض نواحيها، فما استقبله شجر ولا حجر ولا جبل إلا قال له: السلام عليك يا رسول الله. وفي رواية: لقد رأيتني أدخل معه بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم الوادي، فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قال: السلام عليك يا رسول الله وأنا أسمع.

.ذكر مجيء الملك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم برسالات ربه تعالى:

خرج البخاري ومسلم من حديث يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: حدثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم أخبرته كذا، أنها قالت: «كان أول ما بدئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه- قال: والتحنث: هو التعبد- الليالي ذوات العدد، وقال مسلم: أولات العدد- قبل أن يرجع إلى أهله، ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى فجئه الحق في غار حراء، فجاءه الملك فقال: {اقْرَأْ} ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ} ، فقلت: ما أنا بقارئ، فقال: فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ} ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}» والرؤيا الصالحة، وقع في رواية معمر ويونس عند المصنف في التفسير: الصادقة، وهي التي فيها ضغث، وبدئ بذلك ليكون تمهيدا، وتوطئة لليقظة، ثم مهّد له في اليقظة أيضا رؤية الضوء، وسماع الصوت، وسلام الحجر.
قوله: في النوم، لزيادة الإيضاح، أو ليخرج رؤيا العين في اليقظة لجواز إطلاقها مجازا.
قوله: مثل فلق الصبح، ينصب مثل على الحال، أي مشبهة ضياء الصبح، أو على أنه صفة لمحذوف، أي جاءت مجيئا مثل فلق الصبح، والمراد بفلق الصبح: ضياؤه. وخص بالتشبيه لظهوره الواضح، الّذي لا شك فيه.
قوله: حبّب، لم يسمّ فاعله لعدم تحقق الباعث على ذلك، وإن كان كل من عند الله، أو لينبه على أنه لم يكن من باعث البشر، أو يكون ذلك من وحي الإلهام، والخلاء بالمد، الخلوة، والسّر فيه أن الخلوة فراغ القلب لما يتوجه إليه، وحراء: جبل معروف بمكة، والغار نقب في الجبل، وجمعه غيران.
قوله: فيتحنث، هي بمعنى يتحنف، أي يتبع دين الحنفية، وهي دين إبراهيم.
{الْإِنْسانَ من عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ} ، فرجع بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ترجف بوادره حتى دخل على خديجة رضي الله عنها فقال: «زملوني زملوني»، فزملوه حتى ذهب عنه الروع- وقال مسلم: حتى ذهب عنه ما يجد من الروع- ثم قال لخديجة: «أي خديجة! ما لي قد خشيت على نفسي؟» وأخبرها الخبر فقالت له خديجة: كلا، فأبشر، فو الله لا يخزيك الله أبدا، فو الله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة ابن نوفل بن أسد بن عبد العزى وهو ابن عم خديجة- أخى أبيها- وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب، ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمى، فقالت له خديجة: يا ابن عم؛ وقال مسلم: أي عم- اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة يا ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خبر ما رأى، فقال له ورقة ابن نوفل: هذا الناموس الّذي أنزل على موسى بن عمران، يا ليتني فيها جذعا، يا ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك- وقال البخاري: يا ليتني أكون حيا إذ...- فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أو مخرجيّ هم؟» قال ورقة: نعم، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي- وقال مسلم: إلا أوذي- وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
قال محمد بن شهاب: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، قال ^فسلم: وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- وهو- يحدث عن فترة الوحي: قال في حديثه: بينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء، فرفعت رأسي فإذا الملك الّذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرعبت منه فرجعت،- وقال مسلم: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فخشيت منه فرقا فرجعت- فقلت: زملوني زملوني» فدثّروه- وقال مسلم: «فدثروني» فأنزل الله: {يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} وهي الأوثان- قال: ثم تتابع الوحي- وقال البخاري: قال أبو سلمة: وهي الأوثان التي كانت الجاهلية يعبدون، قال: ثم تتابع الوحي، ولم يذكر مسلم: ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ذكره البخاري في كتاب التفسير وفي كتاب الإيمان وذكره مسلم من حديث معمر عن الزهري ولفظه: أول ما بدئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي.. وساق الحديث بمثل حديث يونس، غير أنه قال: فو الله لا يخزيك الله أبدا، وقال: قالت خديجة أيا ابن العم! اسمع من ابن أخيك، وذكره أيضا من حديث عقيل عن ابن شهاب، سمعت عروة بن الزبير يقول: قالت عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم: فرجع إلى خديجة يرجف فؤاده، فاقتص الحديث بمثل حديث يونس ومعمر، ولم يذكر أول حديثهما من قوله: أول ما بدئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي الرؤيا الصادقة، وتابع يونس على قوله: فو الله لا يخزيك الله أبدا، وذكر قول خديجة: أي ابن عم! اسمع من ابن أخيك.
وذكر من حديث عقيل عن ابن شهاب قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: أي جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ثم فتر الوحي عني فترة، فبينا أنا أمشي..» ثم ذكر بمثل حديث يونس، غير أنه قال: فخشيت منه فرقا حتى هويت إلى الأرض. قال: وقال أبو سلمة: الرجز الأوثان، قال: حمي الوحي بعد ذلك وتتابع.